هل ننتظر دعوة مرشد الإخوان لانتخابات داخلية؟

هل ننتظر دعوة مرشد الإخوان لانتخابات داخلية؟

الكاتب: 

إيمان عبدالمنعم
هل يوجه مرشد الإخوان ضربة قاضية للسيسي بالدعوة لانتخابات داخلية؟ لماذا لا تخرج الجماعة عن دائرة رد الفعل لتكون فعلاً مؤثرًا من خلال الدعوة لانتخابات مرشد جديد وقيادة جديدة تقودها خلال المرحلة القادمة؟
متى تخرج رؤى جماعة الإخوان المسلمين عن التفكير داخل الصندوق الذى رسمه لها العسكر منذ ثورة 1952، هذا الصندوق الذى تدور الجماعة في فلكه ويجعلها محصورة  داخل ثقافة المحنة والانشغال بملفات المعتقلين والسجون والقضايا وكفالة عائلات المعتقلين، والتعامل وقف أرضية إصلاحيه لا تحمل أي قدر من الجرأة على التغيير.
لماذا لا تخرج الجماعة عن دائرة رد الفعل لتكون فعلاً مؤثرًا من خلال الدعوة لانتخابات مرشد جديد وقيادة جديدة تقودها خلال المرحلة القادمة، حان الوقت لإرباك نظام السيسي بإعلان الجماعة عن تخليها عن نمطية تفكرها التي يبني عليها العسكر كل ضرباته لها.
هذه النمطية التي تجعل الجماعة تدور في فلك الاعتماد علي أهل الثقة، فالظرف لا يحتمل المخاطرة بل صناعة قيادة جديدة ومفكرين، الجماعة المتجزرة في المجتمع المصري لم تستثمر ذلك طيلة السنوات الماضية هذه التوأمة الشعبية، في مشهد يدل على الشعبية الجارفة.
نمطية التفكير داخل هذا الصندوق المغلق والمنفصلة كثيرًا عن رؤية مؤسس الجماعة حسن البنا هي التي جعلت عجلة الزمان تدور ويتكرر سيناريو 1954 مرة أخرى على يد العسكر كذلك وإن اختلفت الأدوات والتفاصيل.
لا ألقي اللوم كاملاً على جماعة الإخوان المسلمين فلولاها ما نجحت الثورة ولولا نضالها ما شهدت مصر حراكًا سياسيًا خلال عهد مبارك، فأخطاء الإخوان لا تختلف عن أخطاء باقي القوى السياسية التى أعلنت في 3 يوليو بيعها للثورة المصرية .. للثورة  لا للإخوان المسلمين، لكن الإخوان هم الفصيل الذي نعول عليه لأننا ندرك أنه يخطئ لكنه ليس فاسد أو متآمر.
أتذكر يومًا سألت الدكتور "عصام العريان" نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، هل تعلم الإخوان درس 1954 (حيث أعدام جمال عبد الناصر عدد من قيادات الجماعة وحل الجماعة وصادر الأموال والمقرات، واعتقل كل من له علاقة بالجماعة) فرد قائلاً: وبكل ثقة نعم ولن يتكرر، وكررت السؤال عقب البيان التهديدي الذي أصدره المجلس العسكري فور إعلان الإخوان عن اعتزامهم خوض الانتخابات الرئاسية.
وقال البيان تذكروا 1954 وكان التهديد واضح، وهو التهديد الذي وجه المشير حسين طنطاوي (رئيس المجلس العسكري الذي تولى قيادة مصر بتكليف من مبارك في 11 فبراير 2011عقب ثورة يناير) لكل من المرشد السابع للإخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر والدكتور سعد الكتاتني رئيس البرلمان المصري، عندما قاموا بزيارته قبل الانتخابات الرئاسية.
لم يضع التهديد في الحسبان، لأن الجماعة تخيلت أنها قادت الثورة وأن شعبيتها التي أوصلتها لأغلبية البرلمان مازالت كما هي ولم تدرك شيطنتهم عبر وسائل إعلام الثورة المضادة، وأن التقارير الأجنبية التي تتحدث عن أن الإخوان أكثر الجماعات المؤهلة للحكم بأن هذا واقع، وأنه يمكن الحكم بسهولة فنموذج أردوغان جلي يمكن استعارته.
تخيلت الجماعة أن الكلام المعسول نحو الالتزام بالمعاهدات الدولية تجاه أسرائيل كافٍ لبعث رسائل طمأنة للمجتمع الدولي.
التفكير داخل هذا الصندوق المظلم هو الذي مكن العسكر من تفخيخ حكم الإخوان، لأنهم نجحوا في قراءة تفكير من يقود الجماعة، ويوم بعد آخر يتأكد لنا أن المجلس العسكري هو الذي فخخ الثورة من اليوم الأول ورسم سيناريو العودة للحكم، وذلك بتوجيه الضربة القاضية للإخوان بعدما خدمهم القدر في التخلص من مشروع التوريث.
إجادة قراءة العسكر للإخوان هو ما دفع السيسي للتعامل المباشر مع بعض القيادات صاحبة النفوذ في اتخاذ القرار، بل كان السيسي يستطيع تمرير ما يريد في شكل النصيحة المخلصة.
وهو ذاته الذي ارتكب أكبر مذبحة في التاريخ ضد الشعب المصري وضد الإخوان، ولازال ينفذ سيناريو 54 والإخوان تتماهى معه دون قصد فهي نمطية الصندوق.
فبعد جملة الأحكام بالأعدام واغتصاب الفتيات واعتقال أكثر من 26 ألف من أنصارها لما لا تفكر الجماعة بطريقة برمجماتية، ألم يحن أن تقوم الجماعة بصدمة لنظام السيسي والعالم كله.
وبعد نضال وثورة قام بها شباب الجماعة وقواعدها علي مدار الشهور العشر الماضية وقدموا من الباسلة والإقدام والتضحيات ما لم تتكبده مصر من قبل، حان الآن التحرك نحو مسار جديد، بأن تخرج قيادة الجماعة للإعلان عن إجراء انتخابات داخلية على كافة المستويات بداية من الشعبة حتى مجلس الشوري ومكتب الإرشاد.
كثير سيرون عن ذلك تخلي عن القيادات وقت المحنة، وهناك من يري أنه لابد من إجراء تحقيق لبعض القيادات عن الأخطاء التي أدت للمشهد الحالي.
وسواء هذا أو ذاك، فالانتخابات ليست للإطاحة بالقيادات بقدر ما هي سنة سنتها الجماعة ووضعت لها لائحة وحان وقتها وهناك العشرات من الأساليب التي ستمكن الجماعة من إجرائها رغم الظروف الصعبة والتضييق الأمني والسجون، فطالما أُجريت الانتخابات من قبل في ظل هذه الظروف وأسوء منها، وتذكروا كيف تم اختيار عمر التلمساني لقيادة الجماعة .
كما أن الانتخابات بهذا الشكل ستقول للعالم إن الجماعة قوية وموجودة وتطبق الديمقراطية داخلها بينما الديكتاتور هو من يحكم مصر الآن بالحديد والنار.
الانتخابات الداخلية لا تعني فقط مراجعات للجماعة وقياداتها بقدر ما هي ضخ دماء جديدة قادرة علي رسم المشهد القادم وقادرة على فرض نفسها على الخريطة السياسية كما فرضت نفسها في الشارع.
كما أنها ستكون بمثابة ضربة قاضية لكافة السيناريوهات التي رسمها النظام لتفكيك الجماعة.
لست من أنصار إعلان حل الجماعة الآن وإن كنت مع ضرورة تعدد أشكالها الحزبية وبناء أحزاب جديدة غير معلنة رسميًا عن تبعيتها للإخوان علي غرار النموذج التركي، والتحرك في المجتمع علي غرار النموذج المغربي.
فالانتخابات منقذ لمن يريد الحفاظ على هذا الجسد الضخم المسمي بالتنظيم، ووسيلة لتأكيد الرسالة التي بعث بها المرشد السادس للجماعة مهدي عاكف حينما قال إن قياداتهم لا تتمسك بالكرسي وأنهم يعطون نموذجًا لتداول السلطة وقدم نفسه نموذج ورفض استكمال قيادة للجماعة لفترة ثانية في وقت كان يحكم فيه مبارك لمدة 30 عام .
فهل ننتظر من المرشد الحالي محمد بديع (الذي تم انتخابه عام 2009) الصادر بحقة 3 أحكام بالأعدام ويرتدي البدلة الحمراء أن يخرج في رسالته القادمة داعيًا لانتخابات داخلية؟!

No comments: