الإعلام الرسمي المصري يتحول 180 درجة للحاق بالثورة, أخبــــــار

في الصباح كانوا يصفون المحتجين بالعملاء وفي المساء رفعوا ملصقا يدعو لإسقاط النظام
في الصباح كان يجري مقابلات مع ضيوف ينددون بالمحتجين المعارضين للرئيس السابق حسني مبارك ويصفونهم بأنهم عملاء لإيران، وفي المساء عرض ملصقا يدعو صراحة لسقوط النظام الحاكم.

هذا التحول جاء من جانب التلفزيون الرسمي في يوم واحد في وقت سابق من الأسبوع الماضي ليشير إلى تحول أوسع بشأن الانتفاضة الشعبية. ومع اكتساب الانتفاضة المناهضة للفقر والفساد والقمع الذي تميز به حكم مبارك على مدى 30 عاما قوة دفع رأى مسؤولو الإعلام المصري والعاملون به أنه من الأنسب تغيير لهجتهم.. قد يفيدهم ذلك في ضمان مستقبلهم إذا سارت الثورة الديمقراطية بشكل سليم وأطاحت بمبارك وحاشيته التي استخدمت الإعلام كجزء من آلياتها لبسط السيطرة لوقت طويل.

وقال أحد المحتجين، ويدعى أحمد عبد الباسط (25 عاما) ويقف أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي يخضع لحماية مشددة من قبل الجيش بوسط القاهرة: «الإعلام الرسمي ربما يكون قد غيَّر لهجته ولكن بعد فوات الأوان ولا أفهم لماذا يعتقدون أنهم هناك لحماية الرئيس وليس البلاد». وأدرك الجيش المصري أهمية الإعلام عندما استولى على السلطة عام 1952 وكان الرئيس الراحل أنور السادات هو من أعلن الثورة عبر الإذاعة.

وللإعلام الرسمي، الذي يوظف 46 ألف شخص في مبنى الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة، وحده أكثر من 10 قنوات أرضية وفضائية، والكثير من المحطات الإذاعية وأكثر من 20 صحيفة ومجلة. ومنذ بدأت الانتفاضة ضد مبارك يوم 25 يناير (كانون الثاني) حاول التلفزيون المصري خوض معركة خاسرة ضد رأي الجماهير. وأدانت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية المظاهرات في البداية ووصفت القائمين بها بالمخربين. وبعد خطاب مبارك في الأول من فبراير (شباط) قالت الوكالة إن المسيرات الاحتجاجية جاءت بتوجيه خارجي وقالت إن حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية حماس لهما أشخاص داخل المشهد في مصر وكذا مصريون لهم «جداول أعمال خاصة».

في الوقت ذاته، تم تصوير الذين شاركوا في الأيام الأولى من المظاهرات بأنهم شرفاء ونبلاء لهم مطالب مشروعة تدعو للإصلاح فيما وصف بأنه «ثورة 25 يناير» على النقيض من هؤلاء الذين بقوا في الشوارع وطالبوا برحيل مبارك. وفي مرحلة من المراحل حاول مقدمو البرامج بالتلفزيون الرسمي المصري السخرية من المتظاهرين وقالوا إنهم حصلوا على وجبات من محال أطعمة سريعة شهيرة لها فروع في ميدان التحرير على الرغم من أن معظم تلك الفروع إن لم تكن جميعها كان مغلقا. وفي أجواء احتفالية بالميدان سخر المتظاهرون من الهجوم عليهم. وفي بعض المشاهد سار بعض المحتجين حاملين مدونات كبيرة كتب عليها عبارة «صاحب أجندة» أو قضموا شطائر أمام كاميرات قنوات تلفزيونية عربية شهيرة. وبنهاية الأسبوع ظهر على قنوات التلفزيون المصري محتجون من ميدان التحرير سمح لهم بالتعبير عن مطالبهم لمبارك بالتنحي لكنهم تعرضوا لضغوط لقبول تنازلاته والمساعدة في إعادة البلاد لطبيعتها.

وقال باسم فتحي، وهو أحد المحتجين الشبان في أحد تلك البرامج: «نحن لا نريد أن نفكك الدولة، مشكلتنا هي من يتولى الرئاسة.. لم نرِد مزيدا من تلك العقلية التي تقول: هذا خطأ أنتم مجرد عيال صبية صغار.. فهذه هي وسيلة لإبقاء المستبدين في أماكنهم».

وشهدت الصحف القومية الأسبوع الماضي تحولا كبيرا عندما بدأت في الإشادة بالثورة المستمرة التي يقوم بها آلاف الشبان الذين احتشدوا في ميدان التحرير. وقال أحمد موسى، مدير تحرير صحيفة «الأهرام» إنهم مهددون بفقدان المصداقية وإنه ليس من الخطأ إعادة النظر في الحسابات. وأضاف أنهم يحاولون تحاشي أن يسجل التاريخ أنهم كانوا يقولون شيئا وباقي الناس يقولون شيئا آخر. وامتنع كثير من مذيعي التلفزيون الرسمي المصري عن العمل وتمرد أعضاء من نقابة الصحافيين على رئيس نقابتهم مكرم محمد أحمد المدعوم من مبارك، الذي أعلن الخميس أنه «في إجازة مفتوحة».

الإعلام الرسمي المصري يتحول 180 درجة للحاق بالثورة

No comments: